تاريخ النشر: 06/10/2020, 12:42
♱ الثّلاثاء ١٨ بعد العنصرة ♱ ♱ الثّلاثاء ٣ من لوقا ♱ ♱ القدّيس الرّسول توما ♱ ♱ القدّيسة الشّهيدة إيمان الغاليّة ♱ ♱ القدّيس الجديد في الشّهداء مكاريوس كيوس البيثينيّ ♱
♱ يُسمَحُ فيه بجميعِ أنواعِ المآكلِ♱
✤ الرِّسَالَةُ اليَوْمِيَّةُ الأُولَى ✤
✤ لِلْقِدِّيسِ الرَّسُولِ توما ✤
✤ فصل من رسالة القديس بولس الرّسول الأولى إلى أهل كورنثوس : (١ كور ٤: ٩ – ١٦).
الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ
9- يَا إِخْوَةُ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْرَزَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ آخِرِينَ، كَأَنَّنَا مَحْكُومٌ عَلَيْنَا بِالْمَوْتِ. لأَنَّنَا صِرْنَا مَنْظَرًا لِلْعَالَمِ، لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ. 10نَحْنُ جُهَّالٌ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحُكَمَاءُ فِي الْمَسِيحِ! نَحْنُ ضُعَفَاءُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَقْوِيَاءُ! أَنْتُمْ مُكَرَّمُونَ، وَأَمَّا نَحْنُ فَبِلاَ كَرَامَةٍ! 11إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ نَجُوعُ وَنَعْطَشُ وَنَعْرَى وَنُلْكَمُ وَلَيْسَ لَنَا إِقَامَةٌ، 12وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. 13يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ. صِرْنَا كَأَقْذَارِ الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ. 14لَيْسَ لِكَيْ أُخَجِّلَكُمْ أَكْتُبُ بِهذَا، بَلْ كَأَوْلاَدِي الأَحِبَّاءِ أُنْذِرُكُمْ. 15لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ، لكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ. 16فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي.
✤ الرِّسَالَةُ اليَوْمِيَّةُ الثَّانِيَةُ ✤
✤ للثّلاثاء ١٨ بعد العنصرة ✤
✤ فصل من رسالة القديس بولس الرّسول الثّانية إلى أهل أفسس: (أف ٥: ٢٠ - ٢٥).
الأصحَاحُ الخامِسُ
20- يَا إِخْوَةُ اشْكُرُوا اللهَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 21خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ فِي خَوْفِ اللهِ. 22أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، 23لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا هو رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ. 24فَكَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، فكَذلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ. 25أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَبَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا.
✤ الإنجيل اليوميّ الأوّل ✤
✤ لِلْقِدِّيسِ الرَّسُولِ توما ✤
✤ فصل شريف من بشارة القديس يوحنا: (يو ٢٠: ١٩ - ٣٠).
الأَصْحَاحُ العِشْرُونَ
19- لَـمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ:«سَلاَمٌ لَكُمْ!» 20وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ. 21فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا:«سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا». 22وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ:«اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. 23مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ». 24أَمَّا تُومَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. 25فَقَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ:«قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ!». فَقَالَ لَهُمْ:«إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ». 26وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ:«سَلاَمٌ لَكُمْ!». 27ثُمَّ قَالَ لِتُومَا:«هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا». 28أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ:«رَبِّي وَإِلهِي!». 29قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا». 30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ.
✤ الإنجيل اليوميّ الثَّانِي ✤
✤ للثّلاثاء ٣ من لوقا ✤
✤ فصل شريف من بشارة القديس لوقا: (لو ٦: ٣٧ - ٤٥).
الأَصْحَاحُ السَّادِسُ
37- قَالَ الرَّبُّ: « لاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ. اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ. 38أَعْطُوا تُعْطَوْا، كَيْلاً جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ». 39وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً:«هَلْ يَقْدِرُ أَعْمَى أَنْ يَقُودَ أَعْمَى؟ أَمَا يَسْقُطُ الاثْنَانِ فِي حُفْرَةٍ؟ 40لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ، بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلاً يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ. 41لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 42أَوْ كَيْفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقُولَ لأَخِيكَ: يَا أَخِي، دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِكَ، وَأَنْتَ لاَ تَنْظُرُ الْخَشَبَةَ الَّتِي فِي عَيْنِكَ؟ يَا مُرَائِي! أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ.
43«لأَنَّهُ مَا مِنْ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تُثْمِرُ ثَمَرًا رَدِيًّا، وَلاَ شَجَرَةٍ رَدِيَّةٍ تُثْمِرُ ثَمَرًا جَيِّدًا. 44لأَنَّ كُلَّ شَجَرَةٍ تُعْرَفُ مِنْ ثَمَرِهَا. فَإِنَّهُمْ لاَ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ تِينًا، وَلاَ يَقْطِفُونَ مِنَ الْعُلَّيْقِ عِنَبًا. 45اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ.
✥ السِّنْكسَار ✥
✥ القديس الجديد في الشهداء الروس يوحنّا ريبان(+1937م): كان كاهناً وقضى للمسيح في الحقبة الشيوعية. أعلنت قداسته في اواخر القرن العشرين.
✥ القدّيسة الشّهيدة إيمان الغاليّة (القرن 3م): ذكرها القديس إيرونيموس في لائحة القديسين الذين ذكرهم. هي غير القديسة إيمان المذكورة مع أختيها رجاء و محبة و أمهم صوفيا. انتشر إكرامها في الغرب، في القرون الوسطى، انتشاراً كبيراً. قيل إنها جُعلت على فراش محمى ثم جرى قطع رأسها وهي صبيّة.
✥ القدّيس البار كندياس العجائبي: نسك في برية الأردن في مغارة وهو في ال18. صار كاهناً. كان يتمتع بموهبة الشفاء و طرد الشياطين. انتهى فيه المطاف في جزيرة قبرص، في بافوس. نسك هناك و قاوم الشيطان بضراوة. ثمّة كنيستان على اسمه لا زالتا محجتين بارزتين في قبرص.
✥ القدّيس الجديد في الشّهداء مكاريوس كيوس البيثينيّ (+1590 م): اسمه كان مانوئيل. أصله من كيوس في آسيا الصغرى. من عائلة مسيحية. لما بلغ 18 جحد أبوع الإيمان و صار مسلماً و ألزم ابنه بذلك أيضاً. وعى الشاب جسامة الخطيئة. فر الى جبل آثوس. صار راهباً وعاش 12 سنة في النسك والتوبة. عاد ببركة أبيه الروحي الى حيث جحد المسيح بروسيا. ظهر في السوق لابساً ثوبه الرهباني وكارزاً بالمسيح. أوقفوه وعذبوه ثم رجموه وقطعوا رأسه.
✥ القدّيس إبراهيم الجليل، أب الآباء، الحديث ظهوره: أخذنا ذكره من السنكسارات السورية من القرن 15 و 16. لا نعرف عنه شيئاَ أكيداً يظن أنه من تلاميذ القديس خريستوفوروس الأنطاكي، البطريرك الشهيد، و ربما عاش في القرن 10م.
✥ القدِّيسُ تُوما الرَّسولُ المَجيدُ:
شَخْصِيَّةُ تُوما في الأَناجيل: هوَ أحدُ تلاميذِ الرَّبِّ يسوعَ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذي يُقالُ لهُ التَّوْأَمُ. يُعْرَفُ في إِنجيل يوحنَّا، بِصورةٍ خاصَّةٍ، منْ خِلالِ ثلاثةِ مَواقِفَ:
• الأَوَّلِ، بعدَما جاءَ رسولٌ وأخبَرَ السَّيِّدَ بأنَّ لَعازَرَ مَريضٌ، أَرادَ السَّيِّدُ أَنْ يَذهبَ إلى اليهوديَّةِ، فَٱعترَضَهُ التَّلاميذُ قائلينَ: "يا معلِّمُ، الآنَ كانَ اليَهودُ يَطلبونَ أن يَرْجموكَ، وتذهبُ إلى هُناكَ!" (يو 11: 8) فقالَ لَهُمْ يَسوعُ: "لَعازَرُ حَبيبُنا ماتَ، وأَنا أَفْرَحُ لِأَجْلِكُم أنِّي لم أَكُنْ هُناكَ لتُؤمِنوا. ولٰكِنْ لِنَذْهَبْ إليهِ" (يو 11: 14، 15). إِذْ ذاكَ ﭐنْبَرى تُوما، دونَ سائرِ التَّلاميذِ، ليقولَ لِلباقينَ: "لِنَذْهَبْ نَحْنُ أَيْضًا لِكَيْ نَموتَ معَهُ" (يو 11: 16). يُشيرُ هٰذا الموقِفُ، فيما يُشيرُ، إِلى ثلاثةِ أمورٍ: حَمِيَّةِ الرَّسولِ في ٱتِّباعِ المسيحِ أنَّى تَكُنِ المُجازفَةُ، وٱشتياقِهِ إلى مُعايَنَةِ عملِ اللهِ، وكَوْنِهِ إِنسانَ قلبٍ لا يرى الأُمورَ بِعَيْنِ العقلِ، بِقَدْرِ ما يَراها بِعَيْنِ الحِسِّ والعاطِفَةِ. مِنْ هُنا جوابُهُ العَفْوِيُّ الحَماسِيُّ هٰذا.
• أمَّا المَوْقِفُ الثَّاني، فَنَسْتَقْرِئُهُ ممَّا وَرَدَ في الإِصحاحِ الرَّابعَ عشرَ مِنْ إنجيلِ يوحنَّا، حيثُ قالَ الرَّبُّ لتلاميذِهِ: "في بَيْتِ أبي مَنازِلُ كَثيرَةٌ... أَنا أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكانًا... وَتَعْلَمُونَ حيثُ أَنا أَذْهَبُ وتَعلمونَ الطَّريقَ" (يو 16: 2-4). هُنا أيضًا ٱنبَرى تُوما ليقولَ بكلِّ بَساطةٍ: "يا سَيِّدُ، لَسْنا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فكيفَ نَقْدِرُ أنْ نَعْرِفَ الطَّريقَ"؟ (يو 16: 5) قالَ لهُ يسوعُ: "أَنا هوَ الطَّريقُ والحقُّ والحَياةُ" (يو 16: 6). لهٰذا الموقِفِ أكثرُ من ميزةٍ. فتُوما الرَّسولُ، أوَّلًا، إنسانٌ واقعيٌّ حسِّيٌّ تَعْني الأُمورُ لديهِ ما تُشيرُ إِليهِ، ولَعَلَّ تُوما في هٰذا الأمرِ عِبْرانِيٌّ لا غِشَّ فيهِ. ثمَّ إنَّهُ يطلُبُ الفَهْمَ ولا يَشاءُ أن يَمُرَّ كلامُ السَّيِّدِ غامِضًا، مرورَ الكِرام. لذٰلِكَ يسألُ ويستَوْضِحُ ولا يَسْتَحْيِي. تُوما، مِنْ هٰذِهِ الزَّاويَةِ، إنسانٌ من دونِ عُقَدٍ. يُقاطِعُ المُتَكَلِّمَ، وربَّما يُزْعِجُ السَّامعينَ. لعلَّهُ يَظْهَرُ دونَ الآخَرينَ فهْمًا، ولعلَّهم يأخذونَ عَليهِ بُطْأَهُ في إدراكِ الأُمورِ، ولٰكِنْ، لا بَأْسَ. غيرُهُ قد لا يكونُ فاهمًا، وَيخافُ أَنْ يَسألَ؛ أمَّا هُوَ، فلا يُبالي. المُهِمُّ أَنْ يَفْهَمَ.
• أمَّا الموقفُ الثَّالثُ، فَيَتَمَثَّلُ في إصرارِ الرَّسولِ على وَضْعِ يَدِهِ في جَنْبِ السَّيِّدِ. ففي الإِصْحاحِ العِشْرينَ منْ إِنجيلِ يوحنَّا أَنَّ توما كانَ غائبًا حينَ جاءَ يَسوعُ النَّاهِضُ منْ بيْنِ الأمواتِ إلى حيثُ كانَ التَّلاميذُ مُجتمعينَ خَوْفًا منَ اليهودِ، وأَراهُمْ يَدَيْهِ وجَنْبَهُ، وأَعطاهُمْ سَلامَهُ، ونَفَخَ فيهِمْ رُوحَهُ القُدُّوسَ. فلمَّا جاءَ تُوما، وعَلِمَ بِما جَرى، ٱعتَرَضَ وقالَ: "إِنْ لَمْ أُبْصِرْ في يَدِهِ أثَرَ المساميرِ، وأَضَعْ إِصبعي في أَثَرِ المسامِيرِ، وأَضَعْ يَدِي في جَنْبِهِ، لا أُؤْمِن" (يو 20: 25). وبعدَ ثمانيةِ أيَّامٍ، كانَ التَّلاميذُ مُجتمعينَ وتُوما مَعَهم، فجاءَ يسوعُ ووقفَ في الوَسْطِ وقالَ: "سَلامٌ لَكم. ثُمَّ قالَ لِتُوما: هاتِ إِصْبَعَكَ إلى هُنا، وَأَبْصِرْ يَدي، وهاتِ يَدَكَ وضَعْها في جَنْبِي، وَلا تَكُنْ غيرَ مُؤْمِنٍ، بَلْ مُؤْمِنًا. أَجابَ تُوما وقالَ لهُ: رَبِّي وإلٰهي. قالَ لَهُ يَسوعُ: لأَنَّكَ رَأَيْتَني يا تُوما آمَنْتَ. طُوبى لِلَّذينَ آمَنوا ولم يَرَوْا" (يو 20: 26-29). الرَّسولُ، هُنا، يتَصَرَّفُ وكأنَّهُ عاتِبٌ على السَّيِّدِ لأنَّهُ جاءَ في غِيابِهِ. والسَّيِّدُ فَعَلَ ذٰلِكَ عنْ قَصْدٍ، أوَّلًا لأَنَّهُ كانَ يَعْرِفُ شَخْصِيَّةَ تُوما الَّتي سَبَقَ لَنا أَنْ رَسَمْنا بَعْضَ ملامِحِها، وثانِيًا لأَنَّهُ أَرادَ أن يُبَيِّنَ أنَّهُ إذا ما جاءَ إلى التَّلاميذِ وأراهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَهُوَ إيَّاهُ بِلَحْمِهِ وعَظْمِهِ وليسَ خيالًا. المَسيحُ هُنا يُعْفِي التَّلاميذَ ويُعْفِينا منْ تَجربةِ المُجَرِّبِ أنَّهُ خَيالٌ. ثمَّ إنَّ السَّيِّدَ، بمحبَّتِهِ الفائِقَةِ، يُخاطِبُ كلَّ واحدٍ بالطَّريقةِ الَّتي يفهمُها، وطريقَةُ تُوما أَنْ يُعايِنَ. القدِّيسانِ إِمْبروسيوسُ وكِيرِلُّسُ والمَغبوطُ أوغسطينوسُ يَقولونَ في هٰذا المَقامِ إِنَّ الموضوعَ هوَ رَغبةُ توما في مُعايَنَةِ السَّيِّدِ أكثرَ ممَّا هوَ مَوضوعُ شَكٍّ أو قلَّةِ أَمانَةٍ. وطريقةُ توما أَيضًا أنْ يلمُسَ إلى أن يَمُنَّ عليهِ الرَّبُّ بنورِ روحِهِ القُدُّوس. وهٰذا ما مَنَّ بهِ على أَحِبَّتِهِ أَخيرًا داعيًا إِيَّاهم إلى مُعايَنَةٍ تَفوقُ مُعاينةَ اللَّحمِ والدَّمِ. "طُوبى للَّذينَ آمَنوا ولَم يَرَوْا". تُوما الَّذي أَبدى عِنادًا يكادُ يكونُ صِبيانيًّا، هوَ إيَّاهُ مَنِ ٱنْكَسَرَ إلى آخِرِ حدودِ الِانكسارِ عِنْدَما عايَنَ مَجدَ اللهِ، وهوَ أَيضًا أوَّلُ مَنْ سجَدَ وخاطبَ يسوعَ بالفَمِ المَلآنِ هٰكَذا: "رَبِّي وَإِلٰهي".
في ضَوْءِ هٰذِهِ المَلامِحِ في شَخْصِيَّةِ تُوما الرَّسولِ، تُطالِعُنا خِدْمَةُ هٰذا اليومِ بِما يُمَثِّلُهُ تُوما في حَياةِ الكَنيسةِ. ففي إِحْدى تراتيلِ المساءِ: أنَّهُ ثَبَّتَ المُؤْمنينَ بٱرتِيابِهِ المُتَحَوِّلِ إلى إِيمانٍ، وفي تَرْتِيلَةٍ أُخْرى أَنَّهُ: "عَلَّمَ أنَّ للطَّبيعتَيْنِ (في السَّيِّدِ) فِعْلَيْنِ خاصَّيْنِ". كَذٰلِكَ تَقولُ واحِدَةٌ منْ تَراتِيلِ صَلاةِ السَّحَرِ: "إنَّهُ بِجَسِّهِ آثارَ المَساميرِ طَلَبًا للتَّصْديقِ واليَقينِ على ما يَليقُ باللهِ، ثَبَّتَ أذْهانَنا في الرَّبِّ".
بِشارَةُ تُوما وَرُقادُهُ: هٰذا بالنِّسبةِ إلى شخْصِيَّةِ تُوما الرَّسولِ؛ أمَّا بالنِّسبةِ إلى بِشارتِهِ بعدَ العَنْصَرَةِ، فالتَّقليدُ الكنسيُّ يَقولُ: إنَّهُ أوَّلُ مَنْ بَشَّرَ بِلادَ الهِنْدِ، والنَّصُّ اللِّيتورجِيُّ يقولُ: إِنَّهُ ٱصطادَ بِصِنَّارةِ الرُّوحِ الإلٰهِيِّ أذهانَ الهُنودِ المُظْلِمَةَ (القِطْعَةُ الثَّانِيَةُ على الإِينُوس- صَلاةُ السَّحَرِ). أَمَّا تفاصيلُ خِدْمَتِهِ في الهِنْدِ فليسَتْ بثابِتَةٍ. جُلُّ ما نَعْرِفُهُ أنَّهُ هَدى الكَثيرينَ إلى النُّورِ الإِلٰهِيِّ، وبينَ هٰؤلاءِ الأَغنياءِ نِساءٌ أَميراتٌ. وَيُقالُ إِنَّ الأَميرَ المَدْعُوَّ مَسداوُس أرادَ أن يَنْتَقِمَ منهُ؛ لأنَّهُ عمَّدَ زَوْجَتَهُ تاريتانا، فأَرْسَلَ جُنْدَهُ وطَعَنُوهُ حَتَّى المَوت. النَّصُّ اللِّيتورجِيُّ يقولُ: إِنَّهُ ٱقتَدى بالمَسيحِ في الآلامِ، فَطُعِنَ جَنْبُهُ هُوَ أيضًا. كانَ رُقادُهُ فِي الرَّبِّ، وِفاقًا لِبعضِ المَخْطوطاتِ القديمَةِ، يَوْمَ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ أَيَّار. تَجْدُرُ الإِشارةُ إلى أَنَّ للرَّسولِ توما ذِكْرًا مُمَيَّزًا لدى الْأَحباشِ، وقيلَ إنَّهُ بَشَّرَ الفُرْسَ وبَلَغَ الصِّينَ. حَتَّى الألمانُ يقُولُونَ إنَّهُ نَقَلَ لَهُمُ الإيمانَ.
رِوايةٌ عنهُ: هُناكَ رِوايَةٌ تَناقَلَتْها الأَجيالُ عَنْ تُوما الرَّسولِ نُورِدُها هٰهُنا، لا لِلفائِدَةِ التَّاريخيَّةِ بالضَّرورةِ، بلْ لِما تَنْطَوي عليهِ مِنْ مَعانٍ روحِيَّةٍ سامِيَةٍ. يُحْكى أَنَّ مَلِكًا هندِيًّا ٱسمُهُ غوندافور قَرَّرَ أَنْ يَبْنِيَ لنفسِهِ قصرًا عظيمًا لا مَثيلَ لهُ عَلى الأَرْضِ، فَٱنطلَقَ رَسولُهُ هافانُ يَبْحَثُ عَنْ عُمَّالٍ ماهِرينَ قادِرينَ عَلى ذٰلكَ. وبتَدْبيرٍ إلٰهِيٍّ جاءَ هافانُ إلى الرَّسولِ تُوما، فقالَ لهُ تُوما إنَّهُ مُسْتَعِدٌّ أن يَبْنِيَ للملِكِ مثلَ هٰذا القَصْرِ، شَرْطَ أن يَتْرُكَهُ يعملُ كَما يُريدُ. فَٱتَّفَقَ الِاثنانِ، وسافَرَ تُوما إلى بلادِ الهِنْدِ. هُناكَ حَصَلَ الرَّسولُ على كَمِّيَّةٍ كبيرةٍ منَ الذَّهَبِ، مِنَ المَلِكِ لِيُباشِرَ بِبِناءِ القَصْرِ. وَما إِنْ غادَرَ تُوما حَضْرَةَ المَلِكِ حتَّى وَزَّعَ كُلَّ الذَّهَبِ الَّذي لديهِ لِفقراءِ الهِنْد، وَراحَ يُبَشِّرُ بِالإِنْجيل. ومرَّتْ سَنتانِ، فأَوْفَدَ المَلِكُ عَبيدَهُ إلى الرَّسولِ يَسْأَلُهُ ما إذا كانَ قَدِ ٱنتَهى مِنْ بناءِ القَصْرِ أَم لا، لأَنَّ القَصْرَ كانَ بَعيدًا عَنْ عاصِمَةِ المَلِكِ، فَأَجابَ تُوما: كُلُّ شيءٍ باتَ جاهزًا، إلَّا السَّقْفَ، وَطَلَبَ مَزيدًا منَ المالِ، فأَعْطاهُ المَلِكُ ما أَرادَ. ومِنْ جَدِيدٍ أَعْطى الرَّسولُ كُلَّ ما لَدَيْهِ للفُقَراءِ، وتابَعَ تَجْوالَهُ مُبَشِّرًا بالإِنْجيلِ. وبِطَريقَةٍ ما بَلَغَ المَلِكَ خَبَرُ أَنَّ تُوما لَمْ يَبْدَأْ بعدُ بِبناءِ القَصْرِ، فَقَبَضَ عليهِ وَزَجَّهُ في السِّجْنِ. في تلْكَ اللَّيْلَةِ بالذَّاتِ ماتَ أَخُ المَلِكِ، فَحَزِنَ عليهِ المَلِكُ حُزْنًا شديدًا. وإنَّ ملاكًا حَمَلَ روحَ المَيْتِ إلى الفردَوْسِ، وأراهُ قصرًا عَجيبًا لا يَقْدِرُ عَقْلُ إنسانٍ أن يَتَصَوَّرَ مِثْلَهُ. وإِذْ أرادَ أَخُ المَلِكِ أن يَدْخُلَ إلى هٰذا القَصْرِ العَجيبِ، مَنَعَهُ المَلاكُ قائِلًا: "هٰذا القَصْرُ يَخُصُّ أَخاكَ المَلِكَ، وهوَ القَصْرُ الَّذي شَيَّدَهُ لَهُ الرَّسولُ تُوما بالحَسناتِ الَّتي أَعطاهُ إِيَّاها". ثُمَّ إنَّ ملاكَ الرَّبِّ أعادَ روحَ الرَّجُلِ إلى بَدَنِهِ. فعنْدَما عادَ أَخو المَلِكِ إلى نَفْسِهِ، أَسْرَعَ إلى أَخيهِ وقالَ لَهُ: "أَقْسِمْ لِي بِأَنَّكَ سَتُعْطِيني كُلَّ ما أَطْلُبُهُ مِنْكَ"، فأَقْسَمَ لَهُ، فقالَ: "أَعْطِني القَصْرَ الَّذي لَكَ في السَّماءِ، الَّذي بَناهُ لَكَ تُوما". فَلَمْ يُصَدِّقِ المَلِكُ إلى أَنْ شَرَحَ لَهُ أَخوهُ كُلَّ ما جَرى لَهُ. إِذْ ذاكَ أَرْسَلَ الملِكُ، فأَطْلَقَ تُوما منَ السِّجْنِ، وَٱستَقْدَمَهُ إليهِ، وسَمِعَ منهُ كَلامَ الخَلاصِ والحياةِ الأبديَّةِ، ثُمَّ ٱعتَمَدَ وأَعْطاهُ مَزيدًا منَ المالِ لِتَوْسيعِ القَصْرِ الَّذي بَناهُ لَهُ في السَّماء. وهٰكَذا ٱزدادَتْ أَعمالُ الرَّحْمَةِ، وزادَ الشُّكْرُ للهِ، وٱتَّسَعَ نِطاقُ البِشارَةِ بِكَلِمَةِ الحياةِ.