Loading...
الرجاء الانتظار قليلاً...
blog-img-1

تاريخ النشر: 03/09/2020, 11:47

القديسون الأبرار الثلاثة عشر القبارصة (القرن13م)

تحتفل به الكنيسة في: 19 أيار

يقتصر ذكر هؤلاء الشهداء الثلاثة عشر على قبرص. وفي خبرهم أن ناسكين قدما من جبل آثوس، حوالي العام 1228م، إلى قبرص. اسم الواحد يوحنا واسم الآخر قونن. قبرص، يومذاك، كانت تحت الاحتلال اللاتيني. ففي العام 1191 م احتلّ ريكاردوس قلب الأسد قبرص. وكان قد سبقه أحد المغامرين رينو دي شاتيّيون الذي كان فظّاً، لاسيما في تعامله مع الإكليروس الأرثوذكسي. ثم أن إكليروس الفرنجة عمدوا إلى تخفيض عدد الأساقفة الأرثوذكسيّين من أربعة عشر إلى أربعة وجعلوهم تابعين للأساقفة اللاتين. هؤلاء بنوا العديد من الكنائس وحاولوا بكل الوسائل المتاحة صرف الشعب عن إيمانه وتراثه. هذا الاحتلال اللاتيني استمرّ حتى العام 1571م.

وبالعودة إلى يوحنا وقونن الناسكين نقول إنهما، في ذلك الحين، نزلا في ديري ماخيرا والذهبي الفم، ثم في دير والدة الإله المعزول، في القنطرة. وما لبثت أخبار فضائلهما وفضائل الذين التحقوا بهما أن انتشرت بين الناس الذين أخذوا يتدفّقون عليهم تدفّقهم على نبع ماء حيّ قادر أن ينشّط فيهم إيمانهم المهدّد.

فلما تناهى خبر ما يحدث لرئيس أساقفة ليكوسيا (نيقوسيا) اللاتيني، المدعو أوستورغيوس، خشي على مخطّطه بشأن تحويل الشعب إلى الكثلكة. فأوفد رسولين إلى الدير لإخضاع الرهبان القدّيسين. حاول الرسولان إقناع الرهبان باعتماد الخبز الفطير في القدّاس الإلهي فلم ينجحا. عدد الرهبان كان ثلاثة عشر وهم، بالإضافة إلى يوحنا الرئيس وقونن، برنابا وجنّاديوس وجيراسيموس وجرمانوس وثيوكتيستوس وإرميا ويوسف ومرقص وكيرللس وثيوغنوسطوس ومكسيموس. هؤلاء امضوا الليل في الصلاة، وفي صباح اليوم التالي، بعد عودة المرسلَين، توجّها إلى ليكوسيا، في الطريق كان الشعب يحتشد لأخذ بركتهم.

ما إن علم اوستورغيوس بوصول الآباء حتى استدعاهم. ويبدو أن حواراً لاهوتياً جرى أفحم فيه يوحنا وقونن وبقيّة الآباء الرهبان الجانب اللاتيني ودحضوا الحجج التي عرضها استناداً إلى شواهد أتوا بها من تراث الآباء القدّيسين. انتاب رئيس الأساقفة الخوف ولم يدر بما يجيب. لكنه أمر بجلدهم ورميهم في السجن.

وعلى مدى ثلاث سنوات كابد الآباء، بثبات وثقة بالله، الاعتقال في حبس مظلم، رطب، تفوح منه الروائح الكريهة، لا يُعطى لهم فيه إلا قليل خبز، وهم معرّضون لمهانة الجلادين باستمرار والتعذيب المتواتر. كل هذا لم يزحزحهم عن الأمانة لأرثوذكسيتهم ولا رضخوا لمقترحات مرسلي رئيس الأساقفة.مَثَل الآباء أمام رئيس الأساقفة، مرّة أخرى، فأجابوا بجسارة متنامية. إذ ذاك أسلمهم إلى الجلادين.

ثيوغنوسطوس كان أول مَن نال إكليل الشهادة وقد أُلقي جسده في النار.

في السنة الثالثة (1231 م) وقف بقيّة الآباء، مجدّداً، أمام مساعد أورستورغيوس، وهو أندراوس المفتِّش Inquisiteur، الذي زُوّد بالتعليمات أن يعمد إلى التخلّص من المتمرّدين. جواب الرهبان القدّيسين له كان أنهم فخورون بالاعتراف بالإيمان الأرثوذكسي الذي أذاعه الآباء وكرز به الرسل وحدّده الآباء القدّيسون والمجامع المقدّسة، حتى لو أدّى بهم ذلك إلى الموت.

بعد ثلاثة أيام دُعُوا مرّة أخرى في حضور أريك الأول، ملك قبرص اللاتيني (1218 – 1254 م). هذا كلّف أندراوس المفتّش بمعاقبتهم كما يرى مناسباً. فأوثق الجلادون أرجل القدّيسين إلى اثني عشر حصاناً أطلقوهم عدّواً غبر شوارع المدينة ليبثّوا الرعب في نفوس المسيحيّين الأرثوذكسيين.

أخيراً حُلّت الأجساد المحتضرة من أربطتها وأُلقيت في محرقة أُشعلت لهذا الغرض. وفيماو قف يوحنا في الصلاة وسط ألسنة النيران ضربه أحدهم على رأسه بهراوة فهوى وأطفأ النار. فقام الجلادون بإزكاء النار من جديد وأخذوا يطرحون فيها أجساد القدّيسين بصورة عشوائية مع عظام الحيوانات. وبعدما استحال الكل رماداً عمدوا إلى بعثرته لكي لا يبقى للآباء القدّيسين أثر.

وقد ورد أن أندراوس المفتّش صار، بعد حين، أسقفاً على أفيلا في أسبانيا، وأنه هلك حيّاً في النار فيما كان يغطّ في النوم بقرب المدفأة.