تاريخ النشر: 03/09/2020, 11:47
لد سنة 1433م في كنف عائلة نبيلة في موسكو. كان، أول أمره، مسؤولاً عن المخطوطات لدى الأمير الكبير. ترك، وهو بعد شاب، كل شيء ليعتزل في دير القديس كيرللس – البحيرة البيضاء. كيرللس هو أحد تلامذة القديس سرجيوس رادونيج. ودير البحيرة البيضاء كان ثاني أهم الأديرة، يومذاك، بعد دير القديس سرجبوس – دير الثالوث القدوس. وإذ وجد نيلس أن الصرامة في دير القديس كيرللس ضعيفة، لاسيما بعد وفاة القديس كيرللس. وأن الرهبان يتبعون مشيئاتهم أكثر مما يتمسكون بتراث الآباء القديسين، ترك المكان وخرج يبحث عن مصادر أصيلة للحياة الرهبانية بمعية صديقه وتلميذه القديس أينوكنديوس، مؤسس دير كومل. زار الاثنان أديرة القسطنطينية وبقيا عدة سنوات في الجبل المقدس، آثوس، ليدرسا، بالخبرة، تقاليد الآباء القدامى ونمط الحياة الهدوئية التي ازدهرت، هناك، في ذلك الحين. هناك تلقن نيلوس اليونانية فصار بإمكانه أن يتأمل، بعمق، كتابات الآباء في شأن حفظ الذهن وصلاة القلب.
عاد الصديقان إلى دير البحيرة البيضاء حوالي السنة 1480م وفي ودهما أن يُدخلا نمط حياة الإسقيط الذي لم يكن معروفاً حتى ذلك الحين في البلاد الروسية. في نمط حياة الإسقيط يعيش الرهبان في قلالي منفصلة ويجتمعون من وقت لآخر للخدمة الليتورجية.
بنى نيلوس، أول أمره، قلاية بقرب الدير، ثم ابتعد، بعد ذلك، خمسة عشرة كيلومتراً ليقيم في موضع موحش، قاحل، كئيب حيث يجري نهر سورا بتؤدة ليحول البقعة، هناك، إلى مستنقع ليس فيه ما يجتذب الزائرين. أراد نيلوس أن يستغرق، في ذلك الموضع، في السكون والصلاة بلا تشتت، وكذلك في دراسة الكتب المقدسة، بما فيها كتابات الآباء القديسين وسير القديسين. وإذ استودع الرب الإله، كما قال، كل عجزه وجهله، لم يكن يأتي شيئاً دونما شاهد عليه في هذه الكتابات الملهمة التي جعلها حياته ومتنفسه، كتب، في هذا الشأن، لأحد الرهبان يقول له: "سواء كنت وحيداً في قلايتك أو في الدير، بين الإخوة الرهبان، عليك أن تركز انتباهك على الكتب المقدسة وتمشي في خطى الآباء القديسين، لأن الكتب المقدسة تأمرنا بذلك. افعل ذلك أو أدخل في طاعة من ثبت أنه روحي في الفكر والكلام والأعمال. وإذا لم تتمكن من إيجاد مثل هذا المشير، فاقتبل الطاعة المباشرة لله من خلال الكتب المقدسة الإلهية.
بنى قلاية من خشب وكنيسة صغيرة ولم يشأ أن يشاركه أحد في نمط حياته. ادعى أنه رجل خاطئ، لا ذكاء له، عليل النفس والجسد. لكن البعض أصر على الطرق على بابه. أخيراً رضخ لمشيئة الله وقبل لا تلاميذ بل رفقة نسك ومعاونين في عمل الله. اعتاد أن يسميهم أسياده وإخوته. سمح لهم ببناء قلاليهم الخاصة بهم، على مرمى الصوت، حول الكنيسة. تركهم يخوضون غمار حربهم الروحية على أساس شهادة الضمير. كان الإخوة يجتمعون مرتين في الأسبوع، السبت والأربعاء مساء، ليقيموا، في الكنيسة سهرانبة الليل بطوله ويختمونها بالقداس الإلهي والمائدة المشتركة. كانت السهرانية عندهم تنطوي، خصوصاً، على المزامير تتقطع بقراءات من الكتابات النسكية أو بأحاديث روحية مقتضبة بين الرهبان. لم يكن يُعطى للترتيل سوى دور طفيف من حيث أن الآباء القدامى في البرية كانوا يعتبرون التراتيل غير مناسب لنخس القلب وهو لكنائس العالم. في الأيام المتبقية من الأسبوع، كان الرهبان يعيشون كل على حدة، يمضون أكثر وقتهم في الصلاة والتأمل في الكتب المقدسة.
ب
في التيبيكون الذي حرره القديس نيلوس لإسقيطه، أوعز للرهبان أن يعتاشوا من عمل أيديهم وأن يجتنبوا الأشغال الزراعية الصعبة وأن لا يقبلوا الحسنات إلا في حالات المرض والضرورة القصوى، ليتمكنوا من المحافظة على حريتهم وسكونهم. كان محظراً عليهم مغادرة الإسقيط. كما كان ممنوعاً على النساء والأولاد أن يزوروا الإسقيط. كان على الرهبان أن يعيشوا في منتهى البساطة، مكتفين بما هو جد ضروري، وفقاً لتوصيات القديس باسيليوس الكبير. كذلك كان مفروضاً أن تكون الكنيسة فقيرة، خالية من الزينة الغنية ومن الأواني المعدنية الثمينة. لم يكن ما يشغل الراهب، ليلاً نهاراً، سوى مواجهة الأفكار الأهوائية بالصوم والسهر، مع التركيز، بخاصة، على الصلاة المتواترة للذهن في القلب.
ذاع صيت نيلوس حتى بلغ أكثر المراكز في الروسيا: موسكو ونوفغورد. اشترك في مجمع في موسكو، سنة 1490، للنظر في وضع بعض المتهودين الهراطقة. كما اشترك، سنة 1530م، في مجمع جديد اقترح خلاله تجريد الأديرة المشتركة من ملكية القرى والأملاك الواسعة التي تلهي الرهبان عما يتفق والرهبانية ويحولهم إلى قوى إقطاعية. الحياة الرهبانية تأثرت، نوعاً، بهذا الوضع، في ذلك الحين، وأصيبت بالتراخي. العديد من رهبان دير البحيرة البيضاء ومنطقة ترانسفولغا وافقوا نيلوس الرأي. آخرون كالقديس يوسف فولوكولامسك، مدعوماً بالرئاسات، قاوموا هذا الاتجاه بعنف وقالوا إن الأديرة، بفضل ممتلكاتها، تتمكن من صنع الإحسان وتساعد في إقامة مجتمع قائم على أساس المبادئ الإنجيلية. استمر الجدل طويلاً. أما القديس نيلوس فأمسك عن الكلام. اعتزل في إسقيط سورا وأمضى سنيه الأخيرة في الصلاة منشغلاً بنسخ مخطوطات القديسين الآباء.
وفيما كان جسد القديس، المثقل بالأيام، ينحدر صوب القبر، قليلاً قليلاً، عمد نيلوس إلى كتابة وصيته، وفيها أوصى رفاق نسكه بترك جسده بلا دفن وأن لا يكرم في شيء. قال: "أنا، نيلوس، الذليل، أرجو رؤسائي وإخوتي الذين يوافقوني المنحى أن يحققوا رغبتي الأخيرة. ألقوا جسدي، بعد موتي، في البرية مأكلاً للحيوانات والعصافير، لأنه أخطأ كثيراً ضد الله ولا يستحق أن يدفن. وإذ لم يكن كذل فاحفروا في الموضع الذي نعيش حفرة صغيرة وادفنوني دون أي اعتبار. لقد سعيت طيلة حياتي، وبكل قواي، أن أمتنع عن كل كرامة ومديح في هذا الدير، خلال حياتي. فليكن الأمر كذلك أيضاً بعد موتي".
ثم إن القديس نيلوس أوفد تلميذه إينوكنديوس ليؤسس دير شركة، ورسم أن يبقى إسقيط سورا فقيراً وأن يبقى الرهبان عائشين في قلايته، ثم رقد بسلام في الرب في 7 أيار 1508م.
عام 1569 زار القيصر إيفان الرابع الرهيب الإسقيط وقرر أن يبني فيه كنيسة حجرية. لكن القديس نيلوس ظهر له، بعد قليل، ومنعه من تغيير أي شيء في الكنيسة وقلالي الرهبان.
رغم انتصار أصحاب الاتحاد التملكي، بين الأديرة، خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر. ورغم الاضطهادات، فإن الروح النسكية للقديس نيلوس بقيت كالنار تحت الرماد، وعرفت كتاباته تأثيراً كبيراً في الكنيسة الروحية، كما مهدت الطريق للنهضة الروحية التي عرفتها الكنيسة هناك خلال القرن التاسع عشر، ابتداء بالقديس بائيسي فاليتشكوفسكي وشيوخ أوبتينو.
طروبارية القديس البار نيلوس سورسكي باللحن الثامن
لِلبَرِيَّةِ غَيْرِ الـمُثْمِرَةِ بِمَجارِي دُمُوعِكَ أَمْرَعْتَ. وبِالتَّنَهُّداتِ التي مِنَ الأَعْماق أَثْمَرْتَ بِأَتْعابِكَ إِلى مِئَةِ ضِعْفٍ. فَصِرْتَ كَوكَباً لِلمَسْكونَةِ مُتَلأْلِئاً بِالعَجائِب. يا أَبانا البارَّ نيلوس فَتَشَفَّعْ إِلى المَسِيحِ الإِلَهِ أَنْ يُخَلِّصَ نُفُوسَنا.
2022-04-29 12:02:00
2021-01-16 16:01:46
2020-12-01 11:42:48
2020-11-13 09:59:05
2020-10-13 10:06:01
2020-10-12 01:45:56
2020-10-12 01:32:41
2020-10-12 01:17:42
2020-10-09 14:11:48
2020-10-06 12:42:51
2020-10-06 11:49:07
2020-10-05 14:15:42
2020-08-11 16:45:56
2020-08-11 15:42:23
2020-08-11 15:26:28