Loading...
الرجاء الانتظار قليلاً...
blog-img-1

تاريخ النشر: 03/09/2020, 11:47

القديسون الشهداء الفرس المائة والعشرون (+345 م)

تحتفل به الكنيسة في: 06 نيسان

في السنة الخامسة مما أسمته السيرة السريانية "الاضطهاد الأربعيني"، لما كان شابور الملك في سلوقيا أصدر أمراً بالقبض على الكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات الذين في المدائن والقرى المجاورة. بلغ عدد المقبوض عليهم مائة وعشرين شخصاً بينهم تسع عذارى نذرن ذواتهن للرب. وقد أودعوا سجناً مظلماً قذراً أمضوا فيه ستة أشهر، أي الشتاء كله. وبنعمة الله جاءت امرأة شريفة من ذوي الفضل والتقى تدعى يازدندوختي، أي بنت الله، وكانت من مملكة حدياب، من مدينة أربيل. هذه تولت حاجات الشهداء طيلة تلك الفترة. كان المضطهدون يخرجونهم للاستنطاق ويسلمونهم للتعذيب عارضين عليهم أن يسجدوا للشمس، إله شابور، وإلا قتلوهم قتلة شنيعة. فكانوا جميعاً يجيبونهم: حاشانا أن نخون الإله الحق، خالق السماء والأرض وكل ما فيهما ونهمله مستبدلين إياه بخليقة صنعها سبحانه لخدمتنا. إن مبتغانا أن تسلمونا سريعاً للسيف لنستريح من آفات هذا العالم وشروره، لاسيما من عاركم المحدق بنا من كل صوب.

ولما كان الملك على وشك أن يغادر سلوقيا أصدر أمراً بقطع رؤوس الموقوفين. كان يفترض أن يتم تنفيذ الحكم في اليوم التالي. وإن أحد معارف يازدندوختي، مما اطلعوا على الأمر، نقل خبره إليها. فما كان منها سوى أن أعدت عشاء فاخراً للشهداء وتولت هي نفسها خدمتهم. ثم غسلت أرجلهم وألبستهم ثياباً بيضاء جديدة. قالت لهم: "تشجعوا بالرب وتقووا بما وعدكم في إنجيله الطاهر من الخيرات السماوية. وقد تألم هو في جسده الطاهر ليفتح لنا باباً لمكابدة الآلام نظيره غير خائفين من الموت. لأجل هذا اجتهدوا ولا تكفوا هذه الليلة عن الصلاة. ترتيلاً وتسبيحاً وتمجيداً لكي تستأهلوا نوال إكليل الشهادة لأجل المسيح الذي أحببتموه من صميم القلب". قالت لهم هذا ولما تعلمهم بقرب قضاء شهادتهم. أما هم فتعجبوا وسألوها عما دفعها إلى فعل ما فعلته لهم تلك الليلة، فلم تجبهم بل اكتفت بالقول: "لقد نذرت نذراً وها قد أكملته". ثم انصرفت إلى دارها وباتت إلى اليوم التالي. فلما أصبحت جاءت إليهم وقالت: "أبشروا ولتطب نفوسكم. صلوا فرحين مسرورين لأنكم، اليوم، تنالون إكليل الظفر". والتمست منهم، متى حلوا عند ربهم، أن يسألوه لأجلها ولأجل غفران خطاياها وأن يؤهلها لمشاهدتهم في السماء. فبارك الشهداء عليها ودعوا لها.

ولما حضر الجند لاستياق الشهداء إلى موضع الإعدام، وقفت يازدندوختي، عند باب السجن، وجعلت تقبل أيديهم وأرجلهم واحداً واحداً. ولم تزل على هذا المنوال حتى خرجوا كلهم. فلما بلغوا المكان سألوهم: أتسجدون للشمس لتحيوا كافة؟ فأجابوا: أما تروننا متشحين بثياب الفرح، بشوشي الوجه، مع أن الذين يُساقون إلى القتل يلبسون الحداد ويكونون خائري القوى، صفر اللون خوفاً من الموت؟!فاصنعوا بنا ما تريدون فإننا لا نتخلى عن إلهنا ونسجد لخليقته ونفرح أن ترسلونا سريعاً إلى الحياة الأبدية. فأمر الملك أن تُضرب أعناقهم، فنُفذ الأمر وبلغ الشهداء المأرب.

في تلك الليلة عينها استأجرت يازدندوختي الفاضلة فعلة حملوا أجساد القديسين. وبعدما ألبستهم ثياباً فاخرة من الكتان، ذهبت بهم ووارتهم الثرى في مكان بعيد عن المدينة. فعلت ذلك بسرعة خوفاً من المجوس ودفنتهم خمسة خمسة.

يُذكر أن الشهداء كانوا كلهم من مقاطعة حدياب التي تضم القسم الأكبر من آشور القديمة، والتي كانت في معظمها مسيحية. ويبدو أن هيلانة، ملكة حدياب، اقتبلت الإيمان المسيحي في القرن الثاني للميلاد وإن ابنها إيزاتس وخلفاءه نشروا الإيمان بالمسيح بغيرة حتى قال سوزومينوس المؤرخ أن المملكة كانت كلها، تقريباً، مسيحية.

قديس اليوم